الجمعة، 19 يونيو 2009

الصورة ومعنى الدعسة


لم تغادر الذاكرة التاريخية ابداً تلك الصورة المفزعة ، ذات الاسنان النابزة من فم جورج بوش الاب ، وهي تتلكأ على تكوين لوحة الفسيساء الملونة ، وتحت جميع الأقدام التي تعبر إلى فندق الرشيد في بغداد ، ولم تغادر الذاكرة التاريخية ايضاً صورة السيدة المبدعة العروبية الماجدة ( ليلي العطار ) تلك الفنانة التشكيلية التي غرزت ملامح بوش الأول بحبيبات الفسيفساء بيديها وصرخت بالعالم أجمع أن هذا المجرم ( مجرم الحرب وقاتل الشعوب وعراب مجزرة حي العامرية ضد الأطفال والأمهات ،هو الاب الروحي الأول والجسدي الدامي للإجرام وأنه يستحق السحق بالأقدام والدوس على وجهه الضاحك على حرق الاطفال وهم احياء في العامرية !
لقد توغلت الصورة تلك في ذاكرة الأمم ودخلت عصر الصورة ، لكنها لم تدخل عصر الصورة الرقمية كما دخلت صورة الحذاء الموجه لوجه الرئيس بوش الثاني ، ولم تدخل صورة المداس بوش الأول رغم آلاف الأحذية التي داستها وأعادت الدوس عليها والتقطت الصور وهي تحف أكعاب الأحذية فوقها ، لدرجة أن بعض قوات التحالف التي كانت تقيم في فندق الرشيد لم تكن لتتورع عن المرور فوقها عمداً ، وكنت أرى تلك القوات بأحذيتها الدائسة ، هي الاكثر إعلاماً للعالم بأنها تعرف حجم المجرم الحقيقي المستحق للدعس بالاحذية !ولكن دون انتشار فضائي ورقمي يعلن عن حجمها كما هو اليوم .
واذكر أننا كنا نلتقط الصور بالكاميرات الكلاسيكية حيث لم تكن قد تطورت الصورة الرقمية الديجيتال كما هي الآن في بداية تسعينيات القرن البائد ، وكان الكثير من أفراد قوات التحالف يمثلون حالة الحرج من المرور فوق اللوحة ، لكنهم كانوا يعيدون المرور ويقفون لالتقاط الصور فوقها ، واراهن أن آلاف الجنود من التحالف لديهم الآن ألبومات من الصور يدوسون بها على وجه بوش الاول ، أما الأمريكان من الضباط والجنود وقوات التفتيش الدولية الذين كانوا يحلون ويقيمون في الرشيد فكانوا على استحياء يحيدون عن اللوحة ( الوجه المداس ) يبلغون البنتاغون بانهم لا يملكون سوى التنحي جانباً عن اللوحة ذات الوجه الشيطاني المجرم ، لكنهم في الواقع كانوا يستمرون في الدوس وهم بالتأكيد جاءوا كعباد مأمورين لبغداد رغم أنوفهم وسعادة قادتهم المجرمين القتلة لاطفال العامرية !
وبعد أن وجه بوش المجرم الاول صاروخه ضد منزل التشكيلية الشهيدة ليلى العطار ، واستشهدت هي وزوجها وابنتها في الفجر ، وانتقم منها بوش الأول وأزيحت اللوحة لدى دخول الأمريكان بغداد واحتلالها وتدمير تراثها ومتحفها وحرق كنوزها ، كان اول قطع هو لرأس بوش على الأرض وتركت اللوحة بكتفيها، وصدرها لا ينبض إلا بالإجرام المورث لولده المجرم الوريث !
ومع الاسف ظلت الصورة عند مراسلي القنوات العربية والغربية المتعاونة مع القتلة ، ومن خلال الفضائيات العربية وغيرها ، تركز وتمعن في البث لصور قصور صدام وأشيائه العتيقة وسياراته وخيوله بهدف إقناع العالم بأنه يهدد الدنيا قاطبة بالدمار الشامل ، ولم تكن تلك الفضائيات العربية وغيرها تركز على الجرائم والدمار والأطفال الضحايا والتعليم والعلوم حيث الدمار والحصار والحبس الجوي عن العراق ، وتطورت الصورة التي خلفها بوش الأول إلى حالة ( هولوكست مكتمل الأوصاف ) وظلت في العراق مخفية ولم تظهر للعلن والفضاء سوى نزر يسير من العذاب العراقي والهولوكست الحقيقي ، وبقيت الصورة انتقائية تبث بعض أفعال وبيوت ولوحات ثمينة وقصور ومركبات فاخرة ، واستمرت الصورة المبثوثة متحيزة في عيون وفضائيات الغرب والعرب دون شك ، وظل نطقها ضعيفا رغماً عن ثورة الفضائيات التي احتلت نهم العالم ، وكان الأحرى بالفضائيات العربية أو بعضها على الأقل استثمار الصورة لدحض الكذب الأمريكي ضد العراق وقيادته، وبث المشاهد المدمجة مع التعبير والكلمة الصادقة والصورة الحقيقية ولحشد تعاطف الدنيا ضد الشيطان المجرم ، بدل الابتسامات والتمتع بمشاهدة كل أنواع التدمير والقتل والحرق تحت ظل وشعار ( تدمير أسلحة الدمار الشامل وتدمير الدكتاتور صدام ) !
وهكذا سيطرت الصورة المنتقاة المتحيزة والكلمة المنتقاة والتعبير الكاذب على أدمغة العالم حتى العرب في أصقاع الأرض ، كانوا ينتظرون سحق صدام وحرق العراق الخطر ، مما رفع من إنزيمات الكذب عند رامسفيلد ودفعه للتصريح بأن شرح عن حجم الطائرات الصغير، التي ينوي صدام بثها فوق العالم وهي بحجم قبضة اليد لترش البيولوجي والكيميائي على العالم بأسره وتبيد الحياة الكريمة للبشرية !
لقد لعب الإعلام بالصورة والتعبير اللغوي الأنيق ، والمستخدم للفم واللسان والعقل الموجه والميكروفون المصطنع ، دوراً في تعبيد طريق الدمار للعراق والتقتيل الذي أضحى حلالاً بدعم من الفضائيات والإعلام طبعاً ، ، ولم يتصد احد للأكاذيب والافتراءات والجرائم أبدا ، ولم ينتصر العالم للشعب الأسير المعذب والمحاصر ، بل تشكلت حالة عالمية من التسلي والمتعة بالصورة المبثوثة من بغداد العذاب وعراق الدم على أيدي الأمريكان وهم يرتكبون أبشع أصناف الجرائم ! نعم ركزت الصورة والرسالة الإعلامية في أغلبها إلا ما ندر وما رحم ربي من أمثال طارق أيوب ، على بضاعة إعلامية رائجة يلوكها أغلب الصحفيين والإعلاميين في العالم ، أما الشرفاء فلم يكن لهم سوى التهم والنبذ من الكثير من أصحاب الأقلام المحابية للمجرمين لقاء حفنات الرضا الزائلة ، وتحول الإعلام إلى ببغاء موحدة النطق واللسان ضد العراق ، مفادها ( أن الديكتاتور صدام سوف يرحل إلى غير رجعة ) وان العالم سوف يلتهم أو يرتشف أكواب السمن والعسل من جرار الأمريكان الفارغة ، أو بالأحرى الفائضة بدم الأبرياء والبشر العزل المسالمين!
ولم تكن البضاعة العربية في الصورة والرسالة الإعلامية بأقل تحيزاً للأمريكان الأحباب الذين جاءوا لتدمير وحرق العراق متمتعين بطلاسم الصورة التي حملها الإعلام عنهم كمحررين للعراق السجين .
واستمرأ( بوش المجرم الوريث ) الثاني لعبة الصورة والرسالة التي أسهم الإعلام ببثها لصالحه ، وقفز مراراً وتكراراً وهو يستقبل حك الصورة الإعلامية لظهره على جرب الجريمة ، أن العالم سوف يكون أفضل بدون صدام ،
وهكذا لعب إعلام الصورة والكلمة على ألسنة وكاميرات الفضائيات العالمية دور الأصم الأبكم عن الحق ، والمبدع بالتضليل وبث الباطل المتحيز للبطولات التحريرية الأمريكية بغض النظر عن الدم والدمار والعذاب ضد العراق وشعبه العظيم .وكأن القربان العراقي هو خروف لأعياد البوشة وأسرهم وخرفهم المستشيط وجنونهم اللا محدود!
ومن هنا ، ومن خلال استعمال الابتسامة الرائقة على الدم والجرم في العراق ، نتساءل أين كان دور الصورة الأنيقة التي تحمل باليد النظيفة وتوضع على الشفاه حين عملت على تجميل جرائم المجرمين ، وتحليلها ضد الشعب العراقي وقائده ؟؟ وهل حل الحذاء الإعلامي محل الميكروفون والتعبير عن الصحافة الشريفة المعبرة ؟ حيث لم تجد أذناً صاغية تفهم لغتها ؟ .
وهل التعبير الإعلامي ذاك ، ظل خائناً للألسنة ، حيث الكاميرات تلك اعتادت الروتين المفرط بالنقل الإعلامي الكاذب والمسموع برتابة ، ولم يثبت انه خدم الحناجر المبحوحة بالبكاء ، فجاء التعبير الأكثر نطقاً وتوصيلا للعذاب الأسطوري بلطم المجرم بحذاء ؟؟، وخاصة بعد فشل تجربة أدوات التعبير المباحة فقط للكذب والتحيز؟ ، وهل تم اكتشاف ميكروفون إعلامي جديد غير منحط اسمه الحذاء الإعلامي المرئي والمنطوق والمسموع ؟ وهل يولى عهد التأنق اللغوي المحمل بالدجل والكذب والمبارك للجرم ، حيث جاء الحذاء صارخاً بالحقيقة التي استقطبت أبصار وأسماع العالم دون غيرها من أدوات إعلامية ؟ وهل سعادة العالم بصفعة بوش الوريث للجريمة ، ستسهم في إسعاد العراقيين باستعادة الإعلامي المبتكر والمجدد لفضائية الصدق ؟ فهو قد ساعد الدنيا بأسرها للاعتراف بالجريمة ، وشفع للعالم الذي يتناقل حذاءه الصادق خلال اعترافه أن الكذاب قد اجمع عليه العالم بأن وجهه كوجه أبيه استحق التعبير السفلي ؟
وهل كانت الشهيدة ليلى العطار التي رصعت وجه مجرم العامرية تحت الأقدام أمام الرشيد قد تأكدت من خيبة العالم في فهم الحقيقة ؟ وهي التي لم تعايش فضائيات العرب ولم تعرف كم عددها القادم وكم حجم افتراءاتها ضد العراق ؟ فقد اغتالها بوش الاب ونام ليلته هانئاً على كومة الدم ، وأغفى يحلم بدماء غزيرة دون أن يرف له جفن محروق !
لقد كانت الشهيدة ليلى العطار مبتكرة مجددة أيضا في فهم أدوات التعبير الراقية والأدبية والفنية العلوية ، وكانت فنانة كبيرة رائعة الأعمال في العراق وغيرها ، وكانت حضارية وأديبة جميلة العينين واللسان الفصيح ، لكنها وفي لحظة كفر بالخطاب الواصل ، رصعت الوجه المجرم تحت الأحذية ،وداسه جنوده وقوات التفتيش والضباط الأمريكان رغماً عن أنوفهم خلال دخولهم لفندق الرشيد ، لكن ما يجري الآن من تصويب بالأحذية على رأس البوش الثاني هو بمثابة موافقة تامة وليس رغماً عن أنوف الأمريكان ، الذين بلغ عدد الصافعين لوجه ورأس بوش الثاني بالأحذية عشرات الملايين في الولايات المتحدة وحدها ، وعشرات الملايين في أوروبا !
فلقد جعلت ليلى العطار من وجه بوش المجرم مداساً للأمريكان وقوات التحالف والتفتيش طوعاً وكرهاً ورغماً ، وذاك كان أيام الكاميرا اليدوية ولم يرصد عهد الديجيتال رغبة الكثيرين بالدوس عليه ، فجاء عصر منتظر الزيدي في استخدام الحذاء لدعم عصر الديجيتال وليسهم في الرصد الدقيق ، وليوضح كم من الأمريكان يصفعون وجه الاب والابن بصورة مرئية ومرصودة دون خوف أو وجل من صاروخ أودى بحياة ليلى العطار انتقاماً .
إن ما فعله منتظر الزيدي بتقديم وجه البوش الثاني لعبة للطم بالأحذية على يد الاميركان انفسهم قد جمع ادوات الرسم والتكوين والتعبير مع حبيبات الفسيفساء امام العالم ليستذكر ليلى العطارايضا ، ومزج منتظر الزيدي قدرة الإعلام والصحافة على الانسجام مع التشكيل والفن والسياسة حيث التوحد ضد طغمة الظلم وهذا هو الصحيح دون اختصار للون عن الآخر !! مما اثبت أن جميع شرائح البشرية في العالم قد تتوق إلى المزيد من ألوان الصفع الموحد على وجوه المجرمين الذين سيعلقهم التاريخ على مشنقة رباط حذاء يليق بأعناقهم المثخنة بالأحذية .
إذن الفرق ليس شاسعاً جداً بين الديجيتال والكلاسيكي في ادوات التعبير عن الظلم حيث اتفق الديجيتال مع الكلاسيكي ( اتفاق الحذاء مع الكاميرات التي صورت الفيلم المتحرك ) منتصرة للقديم الجديد ، فالعالم بات مبصراً ومتحركاً في المشاعر ، والديجيتال والكلاسيكي يقفان اليوم ضد الظلم وضد الطغمة المجرمة مهما قيل أن الفسيفساء ستنسى تحت عمليات إزالة وجه بوش الأب من مدخل الأحذية في الرشيد فالصورة التي كانت في كاميرات يدوية وكلاسيكية تطبع على ورق وتدخل الادراج ، باتت في كل بيت وفي كل بصر وعقل ، وتذكر العالم الذي ظل محفوفاً بالخديعة الإعلامية ! بانه لا بد من استخدام الصورة السفلية في عالم الكلاسيك والديجيتال معاً للإيقاع بالوجه الكريه وصفعه .
. لقد ظهرت مسألة ثقافية مختصرة : أهمها هل دخل التعبير الموجه بالأداة السفلية للتعبير بيت السمع والانتباه ؟ وهل غادر الميكروفون الكاذب والموجه بيت الطاعة الإعلامية منذ تطاير الحذاء في الفضاء الإعلامي ؟؟ وهل حقاً رغم كل توافق الكرة الأرضية على روعة فضاء الحذاء بوجه المجرم الثاني بوش ، تظل أخلاق الحذاء أقل مرتبة من الميكروفون الموجه الذي اعتاد إرسال الرسائل الخاطئة ؟؟

وهل رغماً عن إجماع العالم على تجريم بوش الثاني والاول والصفع اللاذع بالحذاء سيعيد المجرم بوش الثاني أحلامه بقصف بيت منتظر الزيدي بصاروخ انتقاماً من الحذاء ؟ كثيرون يقولون أن زمن البوشية قد ولى تحت الأحذية ولا مفر من دعسهم المستمر إلى الابد !!!!
د. عائشة الخواجا الرازم

هناك تعليقان (2):

  1. الله يرحمها و يسكنها الجنة
    الي مثلها ما ممكن يموت لان عاشت بقلوب كل العراقيين الشرفاء

    م. علي كاظم
    القاهرة

    ردحذف
  2. يسعدنا اضافة مدونتك الى
    فهرس المدونات العراقية

    http://iraqiblogindex.blogspot.com
    iraqiblogindex@gmail.com


    I am happy to tell you that your blog is added to the list of
    IRAQI BLOG INDEX

    http://iraqiblogindex.blogspot.com
    iraqiblogindex@gmail.com

    ردحذف